تعيش أسهم أمريكية حالة من الضغوط والتذبذب مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فقد أدى التصعيد الأخير للرسوم الجمركية من طرف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى زيادة تقلبات السوق بشكل ملحوظ، مما انعكس مباشرة على مؤشرات الأسهم الأمريكية الكبرى مثل داو جونز وناسداك.
وفي خضم هذه الاضطرابات لم تقتصر التداعيات على الأسواق الأمريكية فقط، بل امتدت لتشمل ردود فعل عالمية واسعة النطاق أثرت على أسواق المال في أوروبا وآسيا أيضاً.
سنستعرض فيما يلي ملامح هذا المشهد المضطرب، وكيف استخدمت الصين ورقة ضغط غير تقليدية متمثلة في المعادن النادرة، قبل أن نختم بدعوة للمتداولين للاستفادة من تحليلات خبراء شركة “بروفيت” للتعامل مع هذه الظروف المتقلبة.

خلفية التصعيد التجاري بين واشنطن وبكين

جاء تصعيد الحرب التجارية بشكل مفاجئ وحاد، رفعت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار من 10% إلى 25%​ في إحدى جولات النزاع، في محاولة للضغط على بكين لتغيير ممارساتها التجارية.
هذا القرار يعتبر تصعيداً كبيراً في النزاع التجاري المستمر منذ مدة، ودفع الصين للرد بالمثل، ورداً على تلك الخطوة أعلنت الصين اعتزامها فرض رسوم انتقامية على واردات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار​، مما أوحى بأن كل طرف ماضٍ في زيادة الرسوم بدل التراجع.
هذا التوتر المتصاعد أشعل مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، فالخلاف لم يعد مجرد تهديدات كلامية بل تحول إلى واقع ملموس من الرسوم الجمركية المتبادلة.
ومع كل تصريح جديد أو إجراء مضاد كانت حالة عدم اليقين تزداد، وهو أمر معروف بأنه عدو الاستقرار في أسواق المال.
وأمام هذه التطورات، بدأ المتداولون يتساءلون عن مدى تأثير الحرب التجارية على الاقتصادين الأمريكي والعالمي، واحتمالات انزلاقها نحو ركود أو تباطؤ اقتصادي واسع النطاق.

تقلبات حادة في وول ستريت (داو جونز وناسداك)

لم تتأخر وول ستريت في التفاعل مع تصعيد الرسوم، فجاء الرد سريعاً على شاشات التداول، شهدت الجلسات التي تلت تلك التطورات تقلبات حادة في مؤشرات الأسهم الأمريكية.
ففي إحدى تلك الجلسات العاصفة، تكبّد مؤشر ناسداك التكنولوجي أسوأ خسارة يومية له في عام 2019، بينما أغلق مؤشر داو جونز الصناعي عند أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر​.
وخسر داو جونز في ذلك اليوم أكثر من 600 نقطة (حوالي 2.4%) خلال التداولات​، مما يعكس حجم الذعر الذي ساد أوساط المستثمرين.
هذه التحركات الدراماتيكية أكدت أن الأخبار السياسية والتجارية باتت المحرك الرئيسي للأسواق، حيث تؤدي كل جولة رسوم إلى موجة بيع واسعة في الأسهم. اللافت أن التقلبات لم تكن باتجاه واحد، فبعد موجات الهبوط الحادة كثيراً ما كانت تعقبها ارتدادات صعودية مع أي بادرة تهدئة أو تصريحات تطمينية من البيت الأبيض أو بكين.
ووصف محللون المشهد بأنه حالة من “السوق المتأرجح” بين وضع Risk-off (عزوف عن المخاطرة) ووضع Risk-on (إقبال على المخاطرة) تبعًا للأنباء المتلاحقة​.

هذا التذبذب وضع المتداولين من مختلف المستويات أمام تحدٍ صعب، حيث أصبح من الضروري متابعة الأخبار لحظة بلحظة وإدارة المخاطر بحذر.
فعدم اليقين حول مآل النزاع التجاري جعل التوقعات قصيرة الأجل صعبة، ودفع الكثيرين إلى التحوّط أو تخفيف المراكز في الأسهم حتى تتضح الصورة.

الصين تلوّح بسلاح “المعادن النادرة”

في خضم تبادل الرسوم الجمركية، برزت المعادن النادرة كورقة ضغط قوية وغير تقليدية تمتلكها الصين، هذه العناصر الأرضية النادرة (عددها 17 عنصراً معدنياً) تُعتبر شرياناً مهماً للصناعات الحديثة، من الإلكترونيات والسيارات الكهربائية إلى التطبيقات العسكرية المتقدمة.
تمتلك الصين هيمنة شبه مطلقة في هذا المجال، حيث تُنتج نحو 90% من الإمدادات العالمية من المعادن النادرة​.

وألمحت بكين إلى استعدادها لتقييد تصدير تلك المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة رداً على تصعيد ترامب​، مما أثار قلقاً بالغاً لدى الشركات الأمريكية والتكنولوجية تحديداً.
فإذا نفّذت الصين هذا التهديد، يمكن أن تحرم الولايات المتحدة من معادن أساسية تدخل في صناعة كل شيء من بطاريات السيارات الكهربائية إلى الهواتف الذكية​. للإحاطة بأهمية هذه المعادن، يجدر معرفة المجالات التي تدخل فيها:

الإلكترونيات ومنتجات المستهلك: الكثير من الأجهزة كالهواتف الذكية وشاشات التلفزيون والحواسيب تعتمد على معادن نادرة في مكوناتها.

قطاع النقل والطاقة النظيفة: تُستخدم العناصر النادرة في تصنيع المحركات الكهربائية والبطاريات المستخدمة في السيارات الهجينة والكهربائية، إضافةً لتوربينات طاقة الرياح.

الصناعات العسكرية والمتطورة: أنظمة توجيه الصواريخ، والمحركات النفاثة في الطائرات العسكرية، وأجهزة الليزر كلها تتطلب مواد من المعادن النادرة​. 

لذا، لم يكن غريباً أن يؤثر مجرد التلويح بهذه الورقة على ثقة الأسواق، فعندما أشارت وسائل الإعلام الصينية الحكومية إلى احتمال منع تصدير المعادن النادرة إلى أمريكا، اعتُبر ذلك تصعيداً استراتيجياً قد يشلّ صناعات كاملة في الولايات المتحدة​.

هذا التطور دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم المرتبطة بالتكنولوجيا والصناعة خوفاً من انقطاع سلاسل الإمداد، بكلمات أخرى استخدمت الصين ورقة المعادن النادرة لتبعث رسالة واضحة مفادها أنها تملك أوراقًا مؤلمة يمكن أن ترد بها، وليس فقط عبر الرسوم على البضائع التقليدية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الخطوة ذات دلالة تاريخية في الخطاب الصيني، فقد استخدمت صحيفة بيبولز ديلي (لسان حال الحزب الشيوعي الصيني) عبارة حادة قائلة: “لا تقولوا إننا لم نحذّركم!”، في إشارة إلى استعداد الصين لاتخاذ إجراءات قاسية​.

هذه العبارة بالذات لها وزن ثقيل في السياق الصيني، إذ تم استخدامها في الماضي قبل مواجهات عسكرية كبيرة، مما يعكس جدية بكين في تلويحها الأخير.
كما صرّح مسؤول صيني بأن “السوق قالت كلمتها” رداً على رسوم ترامب، مشيراً إلى الهبوط الحاد في الأسواق كدليل على رفض العالم لهذه السياسات​.

ردود الفعل العالمية على التصعيد

لم تقتصر تداعيات هذه الحرب التجارية على حدود الولايات المتحدة والصين، فالأسواق العالمية تفاعلت بقوة مع كل تطور.
شهدت أوروبا وآسيا موجات بيع مشابهة كلما احتدم الخلاف بين واشنطن وبكين. على سبيل المثال، تراجعت مؤشرات أسواق الأسهم الأوروبية الكبرى (مثل مؤشر فوتسي 100 البريطاني الذي خسر ما يفوق 1000 نقطة في إحدى الجلسات) وانخفضت المؤشرات في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بنسب ملموسة​.

أما في آسيا، فقد تأثرت الأسواق الصينية نفسها سلباً إلى جانب بورصات اليابان وهونغ كونغ وغيرها، حيث سجل مؤشر هانغ سنغ hongkong انخفاضات تجاوزت 2% في بعض الأيام العصيبة.

هذا التزامن في الخسائر أكد الطبيعة العالمية لسلاسل التوريد المالية، فما يحدث بين أكبر اقتصادين سرعان ما يصيب باقي الأسواق بالعدوى سواء عبر انخفاض الصادرات والتجارة أو عبر تراجع ثقة المستثمرين العالميين.
وعلى الصعيد الاقتصادي الأوسع، أطلقت مؤسسات دولية تحذيرات بشأن أثر التصعيد على النمو العالمي، فقد أشارت تقارير أوكسفورد إيكونوميكس مثلاً إلى أن الرسوم الأمريكية والصينية المتبادلة قد تقتطع عشرات المليارات من الناتج المحلي للبلدين خلال العام التالي للتصعيد​.

كما حذّر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أن استمرار هذه الحرب التجارية يهدد بزعزعة الاستقرار الاقتصادي العالمي ورفع معدلات التضخم، خاصة إذا ما أدت الرسوم إلى رفع كلفة المواد الخام والسلع على المستهلكين.
على الصعيد السياسي دعت عدة دول إلى التهدئة والحوار، الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال وجد نفسه في موقف حرج، فمن جهة يشترك مع الولايات المتحدة في بعض الشكاوى ضد الممارسات التجارية الصينية لكنه من جهة أخرى يخشى انعكاسات أي ركود أمريكي-صيني على اقتصاده الهش.
لذا ارتفعت نبرة الدعوات الأوروبية للجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق تجاري شامل يوقف دوامة التصعيد.
دول أخرى في آسيا والمحيط الهادئ، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، راقبت بقلق أيضاً لأنها متداخلة اقتصادياً مع العملاقين.
الأسواق الناشئة شعرت بالضغوط بدورها، حيث أدت المخاوف إلى ابتعاد المستثمرين عن الأصول ذات المخاطر العالية في تلك الأسواق والتوجه نحو الملاذات الآمنة كالذهب وسندات الخزانة الأمريكية، مما زاد من تقلبات عملات وأسهم الدول النامية. باختصار، أوصلت ردود الفعل العالمية رسالة واضحة:
هذه ليست مجرد مناوشات ثنائية معزولة، بل تطور له تبعات واسعة قد تعيد تشكيل المشهد التجاري والاقتصادي الدولي بأكمله، وعندما يتأثر سوق بمكان ما سرعان ما تتردد الصدمة عبر بقية الأسواق كحجر يُلقى في بركة مياه راكدة.

الاستفادة من تحليلات بروفيت وسط هذه التقلبات 

في النهاية، يجد المتداولون أنفسهم أمام مشهد مليء بالتحديات ولكن لا يخلو من الفرص.
التقلبات الشديدة في الأسواق الأمريكية والعالمية التي رأيناها وسط تصعيد الرسوم الجمركية بين ترامب والصين تؤكد أهمية مواكبة الأخبار والتحليلات لحظة بلحظة. شركة بروفيت تدرك تماماً صعوبة التدوال احياناً في سوق متقلب كهذا، ونحن هنا لمساعدة المستثمرين من جميع المستويات.
يدعوكم خبراء بروفيت للاستفادة من تحليلاتهم المتعمقة وتوصياتهم المدروسة لمواكبة هذه التطورات المتسارعة، اغتنم الفرصة الآن وانضم إلى متابعي تحليلات بروفيت للحصول على رؤية أوضح للأسواق واتخاذ قرارات تداول مبنية على أسس سليمة وسط هذه الظروف المضطربة.
واجه التقلبات بثقة أكبر، وسخّر معرفتك وأدواتك لتحويل تحديات السوق إلى فرص مربحة بمساعدة فريقنا المختص في بروفيت.
النجاح في الأسواق المتقلبة ممكن لمن يملك المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب وبروفيت هي بوابتك إلى تلك المعلومة.

Leave a comment

اختبر معلوماتك حول التداول

بإمكانك الإجابة على الاسئلة التالية وسيقوم المتخخص بالتواصل معك وإعطائك التقييم الخاص بك

[contact-form-7 id=”4564″ title=”Quizz Form”]